مدن المستقبل

هل تُشكِّل المركبات الكهربائية تهديدًا لأنظمة الطاقة؟

السيارات الكهربائية
15 نوفمبر, 2020

يتسبب النقل البرى في نحو 18% من الانبعاثات العالمية من ثاني أكسيد الكربون. ويُعد التحول من المركبات التي تعتمد على الهيدروكربون الأحفوري إلى المركبات المُعتمدة على الطاقة المتجددة هو المفتاح للحد من زيادة الانحباس الحراري العالمي.

وتعمل الحكومات في جميع أنحاء العالم على تحديد الأهداف ودعم خطط التحول السريع إلى الكهرباء في قطاع النقل. وفرضت بعض الحكومات بالفعل حظرًا على استخدام السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل بحلول 2030-2040.

ويُؤدي تشغيل السيارات بالكهرباء من مصادر متجددة بدلًا من الوقود الأحفوري إلى تحويل متطلبات الطاقة من محطات الوقود إلى أنظمة الكهرباء. ولذلك ينبغي التفكير في تأثير العدد المُتزايد من السيارات التي تعتمد على الكهرباء ويتم شحنها بشكلٍ مُنتظم لإعادة تعبئة البطاريات.

تأثير النقل الكهربائي على شبكات الطاقة

تدور عدة تساؤلات حول قدرة أصول شبكات الكهرباء ومرونة التوليد في التعامل مع الطلب المتناميد على شحن السيارات التي تعمل بالطاقة الكهربية دون اتخاذ أي تدابير تقنية خاصة أو تدابير في السوق، وكذلك حدود شبكة الكهرباء وأنواع البرمجيات والأجهزة اللازمة لاستيعاب نمو النقل الكهربائي.

ومن أجل تصور المسارات المستقبلية، تم تطبيق نهج وضع النماذج المعممة على سيارات الركاب الشخصية. ومن المُرجح أن يُؤدي تحول السيارات الشخصية بالكامل إلى الكهرباء في أي منطقة في العالم إلى زيادة إجمالي الطلب على الطاقة الكهربائية بنسبةٍ تتراوح بين 10 و20%.

واستخدم هذا التحليل المصادر العامة للبيانات حول قيادة السيارات الاعتيادية في الولايات المتحدة وأستراليا وبعض دول الاتحاد الأوروبي. ورصد اتجاهات مُتماثلة في العديد من المناطق. ووضع نموذج التحليل في الاعتبار اعتماد السيارات على الشحن بالكهرباء والطاقة اللازمة ومواقع الشحن ومُعدل تكراره. وافترض أن جميع المركبات الكهربائية تبدأ شحن بطارياتها فورًا عندما تتوقف ويتم توصيلها بالشبكة الكهربائية، أي أن عملية الشحن لا يمكن التحكم فيها من إدارة الشبكة.

تُخطط بعض الحكومات لحظر بيع السيارات الجديدة التي تستخدم الوقود الأحفوري خلال العقدين القادمين للحد من الانبعاثات.

تحديات على مستوى الدول

على مستوى الدول، ربما يُؤدي الارتفاع الحاد في الطلب على المركبات الكهربائية، إلى جانب ضعف القدرة التقليدية على توليد الطاقة، إلى عدم كفاية توليد الطاقة ونقلها في ساعات وأيام معينة، على سبيل المثال في أيام الشتاء الغائمة التي ينخفض فيها الإنتاج من طاقة الرياح.

وستعتمد البلدان في الحفاظ على توازن التوليد والطلب على اتصالاتها عبر الحدود مع البلدان المجاورة في المستقبل. وسيلعب التوزيع الجغرافي للمركبات الكهربائية، باختلاف عادات القيادة، وإنتاج مصادر الطاقة المتجددة المختلفة دورًا بالغ الأهمية في تحديد هذه الاحتياجات. وبالنسبة لألمانيا في عام 2040، سيتم تغطية أكثر من 80% من العجز في الطاقة في أيام معينة من خلال توليد الطاقة المتجددة من المملكة المتحدة. وتحتاج إمكانات النقل في شبكات الطاقة في شمال غرب أوروبا إلى التوسع مقارنةً مع الوضع الحالي.

وفي الأيام التي تشهد ارتفاعًا في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، قد يُشكِّل حلول المساء مع ارتفاع الطلب أثناء الليل بسبب العدد المتزايد من المركبات الكهربائية ضغوطًا على محطات الطاقة الحرارية التقليدية في السنوات المقبلة. وسيلعب تخزين الطاقة دورًا رئيسيًا في تسخير الفائض من توليد الطاقة الشمسية الكهروضوئية واستخدامها في أوقات الذروة المسائية لشحن المركبات الكهربائية، مما يُخفف الضغوط عن محطات الكهرباء التقليدية.

تحديات على مستوى التوزيع

على الرغم من أنه قد يكون لدى محطات توليد الكهرباء والتوصيلات عبر الحدود قدرات كافية، إلا أن الأمر قد يزداد صعوبة فيما يخص توزيع الكهرباء في مناطق بعينها؛ بسبب التفاوت في مستوى انتشار المركبات الكهربائية الشخصية. وفي الواقع تشهد بعض المناطق ارتفاعًا في أعداد السيارات الكهربائية قبل فترة طويلة من بلوغ مناطق أخرى المستويات نفسها.

وعند تصور وجود مركبات كهربائية فقط بنسبة 100% في إحدى المناطق، قد تتعرض كابلات التوزيع والمحولات إلى ضغطٍ هائل وخصوصًا في فترة المساء. كما قد يصل الجهد إلى أدنى مستوياته المقبولة أثناء فترة زيادة الطلب بسبب شحن السيارات الكهربائية. وهذا قد يُحدث مُشكلةً في شبكات التوزيع التي لا تحتوي على أجهزة التحكم في الجهد.

من خلال الحلول التقنية والقواعد المُناسبة، سيكون من المُمكن التوسع في استخدام المركبات الكهربائية دون تعريض شبكات الكهرباء وأنظمة الطاقة للخطر.

حلول لتحديات النقل الكهربائي

تشمل الحلول لمواجهة مشكلات الجهد الكهربائي والحمل الحراري الزائد الناجم عن شحن المركبات الكهربائية بدون ضابط تقنيات رقمية وأجهزة ذكية. ويجب أن تتمتع تلك التقنيات والأجهزة بأحجام مُناسبة لكي تتم عملية التحويل إلى الكهربة الكاملة بنجاح.

كما يُمكن تقليل الحمل الزائد على مُحولات التوزيع، والناتج من شحن المركبات الكهربائية، عن طريق تأخير شحن المركبات الكهربائية استراتيجيًا حتى الساعات المُبكّرة من الصباح. ولابد من إعادة توزيع ما بين 20 إلى 25% من إجمالي الطلب على طاقة المركبات الكهربية من خلال تأخير الشحن.

وهناك إمكانية للاستفادة من الطاقة المُخزَّنة في البطاريات لتغطية أوقات ذروة شحن المركبات الكهربية وتأجيل استثمارات البنية التحتية. وتتراوح احتياجات بطارية شبكة التوزيع النموذجية بين 50% و75% من معدل طاقة المحول مع ساعتين إلى أربع ساعات من وقت التفريغ.

وتُتيح أجهزة التحكم في تدفق الطاقة والجهد المرنة والموضوعة في المواقع الاستراتيجية في شبكات التوزيع الاستخدام الأمثل للمُحوِّلات المُتاحة وسعة المغذي، كما أن هذه الأجهزة ستُحسِّن الجودة الإجمالية لإمدادات الطاقة في شبكات التوزيع. ومن المنظور الفني المُتخصص، يمكن تحويل النقل البري بأكمله إلى الطاقة الكهربائية دون تعريض التشغيل الآمن لأنظمة الطاقة القائمة والمستقبلية للخطر.

 

المصادر

مُستعد لاستخدام   في مؤسستك؟